تصفح المجلة الشهرية اخر تحديث للمجلة في : 10:28 am GMT | Wednesday 11th of September 2015 01

تصدر عن مجموعة المال والاعمال | مدينة دبي للاعلام | العدد : 306

أرشيف عام لباب
وزير الشؤون الإسلامية يكرّم حفظة كتاب الله الكريم
وزير الشؤون الإسلامية يُسلّم المراكز والمكاتب الدعوية 300 مليون ريال
غائب عن العمل و«التقرير الطبي» جاهز..!
مختصون يسعون إلى جمع المسائل الفقهية الخاصة بالتثمين العقاري ودراستها دراسة فقهية مقارنة
الطرق الصحيحة للتمويل

نقلاً عن
نادي المال والاعمال - الشريعه دين ودنيا
:  حرّم الإسلام الربا بجميع صوره ومقاصده، وهي حرمة صارمة مطلقة لا لبس فيها، ولقد جاء في القرآن الكريم في الآيتين 278 و279 من سورة البقرة: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُون ولا تُظْلَمُونَ َفَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهَِ (278)}. ولذلك فإن الرّبا محرّم لأنه يؤدي إلى الظلم، والإسلام يناهض كل أشكال الظلم، ويسعى إلى نظام اقتصادي يؤمّن عدالة اجتماعية واقتصادية شاملة. وتحريم الشريعة الإسلامية للرّبا، بما فيها الفوائد, لم يقم على النظرية الاقتصادية ولكن على السلطة الإلهية التي تعتبر تحصيل الفائدة عملا من أعمال الظلم. ولا يمكن لأحد أن ينكر حقيقة أن النظام المصرفي الربوي, أو أي نظام قائم على أسس غير مبادئ وروح الشريعة، يستغل المودعين والمقترضين بشكل أو بآخر، وعلى كلّ حال, فمن المهم أن نلاحظ أنّ المصارف التقليدية تقوم باستغلال المودعين بواسطة الأنظمة والممارسات التي تفرضها هذه المصارف والمؤسسات المالية العاملة في جميع أنحاء العالم تحت شعار المصرفيّة الإسلامية.


* بدأ تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية لأول مرة منذ أكثر من ربع قرن، من خلال 200 بنك ومؤسسة مالية إسلامية تعمل في 27 بلدا مسلما و16 بلدا غير مسلم، حيث تقوم بإدارة محفظة ماليّة قيمتها نحو 200 مليار دولار. ومن المناسب هنا طرح الأسئلة التّالية:

1 - هل نجحت البنوك العاملة تحت لواء المصارف الإسلامية في القضاء على الظلم الناتج من الربا كما أمر القرآن الكريم؟

2 - هل ساهمت البنوك العاملة تحت شعار المصرفية الإسلامية في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية تمشيّا مع أهداف النظام الإسلامي؟

3 - هل البنوك العاملة تحت لواء المصرفية الإسلامية -ولأسباب عمليّة- لا تتّبع أهداف النظام الرّبوي تحت وسائل التمويل مثل المرابحة والبيع المؤجّل, وغيرها من أنظمة التمويل المشابهة؟

4 - هل النتائج النّهائيّة والمشار إليها في البند (3) أعلاه تختلف في الواقع كثيرا عن الإقراض القائم على الرّبا؟

5 - هل تتحمّل المصارف المشار إليها في البند (3) أعلاه, أية مسؤولية عن الخسائر التشغيليّة للطرف المستفيد من هذه الأموال، ما إذا كانت المشاركة في الخسائر التشغيلية ليست هي جوهر النظام المصرفي الإسلامي، وما إذا كان التمويل على نطاق واسع، والمصادق عليه من أجل «معاملات البيع»، يمكن أن يستمر لأجل غير مسمى من قبل المصارف الإسلامية التي لا تتاجر بالبيوت، وإنّما هي مؤسسات مالية؟

وأثناء محاولة ترسيخ وجهات النظر بخصوص الأسئلة المذكورة، يجب أن يوضع في الاعتبار بأن أسلمة النظام المصرفي هو جزء من نظام القيم الإسلامية عموما، وليس مجرد الامتناع عن المعاملات القائمة على أساس الرّبا. والهدف من النظام المصرفي الإسلامي تقديم مساهمة إيجابية لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع في جميع المجالات، بما في ذلك التجارة والصناعة والزراعة.. إلخ.


الأساليب الصحيحة للتمويل

البنك الإسلامي هو مؤسسة مالية تحدد وفقا لروح الشريعة الإسلامية، كما وضعها القرآن الكريم والسنة، من حيث الأهداف، والمبادئ، والممارسات، والعمليات. والبنك الإسلامي عادة لا يقدم سوى قروض معفاة من الفائدة تسمّى القرض الحسن, في حين أن رسوم الخدمة على القروض, والتي لا تتجاوز التكاليف الإدارية الفعلية لهذه القروض، هو أمر قد سمح به علماء المسلمين أيضا.

وللتعويض عن الفائدة فإن الطريقة المثلى للتمويل في إطار النظام المصرفي الإسلامي هي «المشاركة في الأرباح والخسائر Profit Loss Sharing PLS» “. والقرض الحسن هو لصالح الأفراد والمجتمع ككل، ولتأمين حماية مصالح المودعين والمستثمرين، فإنّ هذا النوع

من القروض، على سبيل السياسة العامة، لا يشكل مصدرا مهمّا للتمويل من قبل البنوك الإسلامية. وفي حالة وجود نظام زكاة فاعل في أي بلد إسلامي يدعم خزينة الدولة، فإنّ هذا النّظام يقوم بدوره في تقديم القروض الحسنة.

ويتم توجيه الجزء الأكبر من التمويل من قبل البنوك الإسلامية على أسس عادلة، حيث يتمّ في هذا النّمط من التمويل تقاسم الخسائر بين الممول والمستثمر بناء على الحصص، كما يتم تقاسم الأرباح بناء على نسبة يتفق عليها، ويستعاض عن معدلات العوائد بالنّسب.

وفي خضم تصميم بديل للنظام القائم على الفائدة، تبيّن أن اللجوء إلى النظام المصرفي الإسلامي PLS على نطاق واسع يمكن أن يشكل خطرا كبيرا يهدّد البنوك الإسلامية بسبب الانتشار الواسع للتوجّهات باعتماد ممارسات محاسبيّة لا أخلاقية لإخفاء الأرباح الحقيقية، وارتفاع نسبة الأمية، ومجموعة كبيرة من الأسباب الأخرى؛ لذلك أصبح من الضروري وضع وسائل مختلفة أخرى للتمويل، بالإضافة إلى المضاربة والمشاركة على أساس نظام PLS، وبطبيعة الحال القرض الحسن. وتشمل هذه الأنماط:

1 - المرابحة (التكلفة زائد البيع).

2 - بيع مؤجّل (البيع ثم الدّفع مؤجّل).

3 - بيع سلم (الشّراء والتسليم مؤجل).

4 - بيع استثناء (حسب الطّلب).

5 - إجارة.

6 - جعالة (قروض مع رسوم خدمات).

وتجدر الإشارة إلى أن الطرق الست المذكورة أعلاه ليست بالضرورة قادرة على رفع الظلم الناتج من النظام الرّبوي، أو المساهمة في تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية التي يسعى الإسلام لتحقيقها. ولكن الحقيقة هي أن هذه الأساليب لا تزال تتحمّل تحديد أسعار صرف ثابتة، حيث لا تشترك البنوك في الخسائر التشغيلية، ولا تعتمد العائدات على نتائج التشغيل للمستثمر. ومن المهم الإشارة إلى أن الإسلام يريد من أصحاب المشاريع في حال الحصول على الربح من التمويل المقدّم لهم من قبل المصارف مشاركة البنوك في الأرباح. ومن جهة أخرى، يجب أن تتقاسم المصارف الأرباح مع المودعين والمستثمرين.

وهناك عدد كبير من المودعين، يؤمّل أن يتمكنوا من الحصول على معدلات أعلى من العوائد؛ مّا يؤدي إلى زيادة الازدهار. وعندئذ يمكن ضمان العدالة بين كافة الأطراف، وتبدأ المصارف عندئذ, بالتحرك نحو مساهمة إيجابية لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للمصرفية الإسلامية.

ورغم مرور ما يزيد على 25 عاما على نشأة الخدمات المصرفية الإسلامية, فمن الملاحظ أنّه, على الرغم من كل النوايا الطيبة، فإن المصارف الإسلامية في جميع أنحاء العالم بصورة عامة، ركنت إلى الراحة المستمرة باستخدام تقنيات الخط الثاني ذات العوائد الثابتة في الجزء الأكبر من عمليات التمويل، الذي يعتبر ضمن نظام تحديد سعر الفائدة.

وباعتبار المرابحة هي النّمط الأكبر والوحيد للتمويل من قبل البنوك الإسلاميّة, فإنّنا نقترح معالجتها الآن باختصار.


المرابحة

المرابحة مفهوم إسلامي قديم يشير إلى نوع معيّن من البيع البسيط لا علاقة له على الإطلاق بصفقة التمويل. ونظراً للصعوبات والمخاطر في اعتماد نظام المصرفية الإسلامية PLS على نطاق واسع، تحولت المرابحة في الآونة الأخيرة لأسباب عملية من صفقة بيع إلى طريقة للتمويل.

وفي هذا الوضع، فإن البنك ـ بناء على طلب من عملائه ـ يقوم بشراء السلع المحددة من طرف ثالث مقابل دفعة، وتنقل ملكية السلع وحيازتها على الفور إلى المصرف الذي يبيع هذه البضاعة إلى العميل بسعر التكلفة زائد هامش الربح المحدد المتفق عليه. ثم يأخذ العميل الحيازة المادية للبضائع ويتعهد بدفع الثمن للبنك إما على أقساط، أو دفعة واحدة في موعد لاحق يتفق عليه.

وفي كثير من الحالات يكون عملاء البنك وبائعو السلع هم نفس المجموعة، ولكن في حالات أخرى كثيرة، فإن عملاء المصرف يشترون السلع بأنفسهم كعملاء للبنك، ثمّ يشترون السلعة ذاتها من البنك بسعر التكلفة زائد هامش الربح الذي يتعين دفعه في تاريخ لاحق يتفق عليه. وفي كثير من حالات المرابحة لا يوجد سوى مجرّد تغيير الاسم.

يمكن للمصرف الإسلامي، بالإضافة إلى الأعمال المصرفية العادية، إنشاء وحدة خدمات مصرفية تجارية فيها مختلف أنواع البضائع، التي تعرض للبيع للمشترين المحتملين مع هامش ربح. غير أن هناك تحفظات جدّية من انتشار واسع لاستخدام تقنيات المرابحة كأسلوب للتمويل، بحيث لا يشتري البنك السلعة للعميل إلا بعد موافقته, من حيث المبدأ, على شرائها من البنك مقابل ربح. وباستخدام المرابحة بهذه الطّريقة, تتحول المعاملات التجارية إلى مجرد وسيلة للتمويل لتلبية متطلبات الشريعة الإسلامية.

وعند الإشارة إلى طرق بديلة للتمويل على أساس المرابحة والتأجير وغيرها، يوضّح القاضي تقي عثماني أنّه إذا كان الهدف تلبية متطلبات الشريعة الإسلامية، فإنه يمكن اعتماد هذه الطّرق لفترة مؤقتة. وحذّر قائلا: “ينبغي أن يكون هناك فترة زمنيّة بين شراء السلع وبيعها إلى العميل، كما يجب تحمّل الأخطار النّاتجة من امتلاك السلعة خلال هذه الفترة مع كل مكوناتها الأساسية وجميع النتائج المترتّبة على ذلك”.

ومن الناحية العملية لا توجد فترة زمنيّة في كثير من الحالات، إذ يسدّد البنك القيمة المطلوبة عند الشّراء مباشرة، أو حتى بعد تسليم البضاعة في مقر العميل، وبذلك لا يتحمل البنك أي أخطار, بما فيها ما قد تتعرّض له السّلعة من خطر خلال الفترة القصيرة التي يفترض أن تكون السّلعة خلالها في حوزة المصرف. ومع ذلك، فإنّ البنك يحصل على عائد ثابت جرى تحديده مسبقا، ولا يعتمد على النتائج التشغيلية للمستثمر، ولا يبدو أن ذلك في أي حال من الأحوال يتفق ومقتضيات الشريعة.

ملاحظات القاضي تقي عثمان:

أ) تستخدم البنوك الإسلامية أداة المرابحة والتأجير ضمن إطار المعايير التقليدية مثل سعر الفائدة بين البنوك، حيث لا تختلف النتيجة النهائية كثيرا عن المعاملات القائمة على الرّبا.

ب) عدم وجود تعزيز ولو تدريجي, للتمويل على أساس PLS، فإن البنوك الإسلامية تتجاهل الفلسفة الأساسية من الخدمات المصرفية الإسلامية.

ج) سمح علماء الشريعة باستخدام أساليب التمويل الثابتة ذات العائد الثّابت مثل المرابحة والتأجير وغيرها، فقط في المجالات التي لا تصلح للمشاركة.

د) وعندما يدرك الناس العاديّون أن النتيجة النّهائيّة للتّعامل مع البنوك الإسلامية هو نفسه للبنوك التقليدية، فإنهم يشكّكون في أداء البنوك الإسلامية, ويصبح من الصعب جدا مناقشة الخدمات المصرفية الإسلامية أمام الناس العاديين، خاصة من غير المسلمين الذين يرون أنّ الأمر لا يعدو كونه مجرّد تحريف للوثائق فقط.

ويقول نجاة الله صديقي: «التزامات الدفع للشركات التي تتعامل بنظام المرابحة في تمويل السلع والخدمات، لا تعتمد على ربحية الشركة، خلافا لمبدأ تقاسم الربح، ما يعرضها للاتهام بأنها غير عادلة، كما هو الحال بالنسبة للتمويل بالدين».

وفي تعليقه على نظام الهامش المعلوم يقول:

«أفضل شطب البيع المؤجل من قائمة الأساليب المسموح بها، وحتى لو سلمنا بقانونية مشروعيته، فالمبدأ القائل إن أي شيء يؤدي إلى شيء محرّم يبقى محرّما، وينصح بتطبيق هذا الإجراء على البيع المؤجل حماية للبنوك التي لا تعمل بالفائدة المصرفية من التخريب من الداخل».

ومن المهم في هذه المرحلة ملاحظة ما يقوله المودودي:

«يقول الإسلام بعبارات واضحة أنّه لا يحق للمقرض الحصول على نسبة ربح ثابتة بغض النظر عن النتائج التشغيلية للشركة».

لذلك فإنه يبدو, في معظم الحالات، أنّ العوائد الثابتة التي يتقاضاها البنك على المعاملات المالية هي غير جائزة لمجرّد توفير غطاء المرابحة أو ما يشابهها لصفقات ماليّة لا تعدو كونها عمليات بيع عاديّة.

ولقد أوضح مجلس العقيدة الإسلامية الباكستاني منذ أكثر من عقدين، «من الناحية المثالية فإن البدائل الحقيقية للفوائد في إطار نظام اقتصادي إسلامي هي تقاسم المكسب والخسارة، والقرض الحسن».

وفي معرض الإشارة إلى وسائل أخرى للتمويل مثل البيع المؤجل، والتحصيل، والأقساط، والتأجير أشار المجلس:

«من المفروض استخدام هذه الأساليب ضمن الحد الأدنى والذي يستحيل تجنّبه بالضرورة في ظل الظروف المتوفّرة، ويجب عدم استخدامها كتقنيات عامة للتمويل».

وقد حذر المجلس في تقريره قائلا:

«لا ينصح باستخدامها على نطاق واسع أو بشكل عشوائي في ضوء الخطر المرتبط بفتح الباب الخلفي للتعامل على أساس الفائدة».

«واستناداً إلى هذه التقنيات، وإن لم تكن محرمة في نظر المذهبين الحنبلي والحنفي الفقهيّين في الظروف الاستثنائية إلا أنه لا يجوز استخدامها على نطاق واسع كهامش للربح كونه لا يختلف في جوهره عن نظام الفوائد».

ولقد أوضح مجلس العقيدة الإسلامية الباكستاني منذ أكثر من عقدين:

«من الناحية المثالية فإن البدائل الحقيقية للفوائد في إطار نظام اقتصادي إسلامي هي تقاسم المكسب والخسارة، والقرض الحسن».

وفي معرض الإشارة إلى وسائل أخرى للتمويل مثل البيع المؤجل، والتحصيل، والأقساط، والتأجير, أوضح المجلس: «من المفروض استخدام هذه الأساليب ضمن الحد الأدنى والذي يستحيل تجنّبه بالضرورة في ظل الظروف المتوفّرة، ويجب عدم استخدامها كتقنيات عامة للتمويل».

وقد حذر المجلس في تقريره قائلا:

«لا ينصح باستخدامها على نطاق واسع أو بشكل عشوائي في ضوء الخطر المرتبط بفتح الباب الخلفي للتعامل على أساس الفائدة».

«واستناداً إلى هذه التقنيات، وإن لم تكن محرمة في نظر المذهبين الحنبلي والحنفي الفقهيين في الظروف الاستثنائية إلا أنه لا يجوز استخدامها على نطاق واسع كهامش للربح كونه لا يختلف في جوهره عن نظام الفوائد». مع ذلك فقد أفاد المجلس: «إنه لمن المؤسف تجاهل هذا التحذير بحيث أصبح هامش الربح محور الترتيبات الجديدة».

ولقد أشارت محكمة الشريعة الاتحادية الباكستانية في حكمها بتاريخ 14 نوفمبر 1991 إلى ملاحظات المجلس التالية: «حقيقة الأمر هي أن هامش الربح ممارسة فجّة سمح بها بعض علماء الدين وفقا لشروط محدّدة. وشكّك في مشروعيته علماء آخرون، وعلى أية حال، فإنّه يعتبر أداة ذات أهميّة في عقد الصّفقات بين البائع والمشتري للبضائع، أمّا البنوك فهي ليست مؤسسات تجارية، بل مؤسسات مالية تجمع الأموال من عامة الناس وتجعلها متاحة للتعاملات الإنتاجية».

يقول حسن عثمان: «يخيم شبح الفائدة على المصارف لحساب معدل مئوي ثابت سنويا في العديد من وسائل التمويل بما فيها المرابحة والبيع المؤجل وغيرها، والروح وراء كل هذه العقود هي لتأكيد الكسب مقارنة مع سعر الفائدة السائد، وإلى أقصى حد ممكن، وتجنب الخسائر التي يمكن أن تحدث خلافا لذلك». ويضيف: «لقد فشلت تقنيات الخط الثاني، في التخلص من الجوانب غير المرغوب فيها للفائدة وبهذه الطريقة بقي ما كان يجب أن يستبعده البنك الإسلامي». والمحكمة العليا في باكستان (2000) في حكمها التاريخي الصادر في 23 ديسمبر 1999 بعد نحو ستة عشر عاما من صدور ملاحظات مجلس العقيدة الإسلامية، والمشار إليها أعلاه، أصدرت القرار التاّلي:

أ) «أهم شرط لجواز هامش ربح الصفقة أنه لا ينبغي أن تفرض على الإقراض أو دفع المال، ويجب أن يكون على أساس حقيقي لبيع سلعة مع كل نتائجها الموضوعية».

ب) «المرابحة أو البيع المؤجل هو صفقة بيع تنفذ على أساس الدفع المؤجل».

ج) «ونحن نعي حقيقة أن وجود صفقة بيع مرابحة تقوم على أساس هامش الربح، وحتى بعد وفاء شروطها الضرورية, ليست طريقة مثالية لاستخدام المصارف الإسلامية على نطاق واسع، ومع ذلك، سيتعيّن على المصارف اللجوء لهذه الصفقة في بعض الحالات، وخاصة في المرحلة الأولى من التّحول».

وبالنظر إلى المرابحة من زاوية أخرى، من المهم أن نلاحظ أن الله تعالى قد أدان الربا بأشد العبارات ويأتي في المرتبة الثانية بعد الشّرك، ولا يقبل العقل افتراض بعض المخاطر من قبل البنوك في التمويل عن طريق المرابحة، أو من خلال تحول الأسهم من مستودع بضائع البائع إلى المقترض (الجهة المستفيدة من التمويل المقدم من البنك) والذي يمكن تجنبه عمليّا، وضمان عائد ثابت على التمويل دون المشاركة في الخسائر التشغيلية للمقترض، والذي هو جوهر الأعمال المصرفية الإسلامية، تكون أهداف الشريعة قد تمّ تحقيقها.

ومن الواضح أن انتشار واستمرار استعمال تقنيات الخط الثاني لم تسهم في إزالة الظلم الناتج من النظام القائم على الفائدة كما أمر القرآن الكريم، ولا في تأمين العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع. وإذا كانت المصارف الإسلامية لا تزال قائمة على هذه الأنماط في معظم عملياتها، فلن تتحقق قضية الخدمات المصرفية الإسلامية أبدا.

وفي المراحل الأولى من التحول من النظام المصرفي التقليدي إلى النظام المصرفي الإسلامي الثابتة قد تم اعتماد تقنيات الخط الثاني للعائدات الثابتة من قبل المصارف الإسلامية على أساس أن التّحول التدريجي لنظام المشاركة في الربح والخسارة سيأخذ وضعه بمرور الوقت. وكان من الواجب, بمرور الوقت, تبني تقنيات الخط الثاني فقط عندما لا يكون تطبيق نظام المشاركة في الربح والخسارة ممكناً أو مجديا, مثل تأجير الآلات والمركبات، وهي ليست بنودا تجارية للشركة المستفيدة من تمويل البنوك. ولسوء الحظ فإنه قد سمح لهذه الأساليب بالاستمرار في البنوك الإسلامية، وهذا أمر ضار بقضية المصرفية الإسلامية.

خلال السنوات القليلة الماضية، بعث عدد من محافظي البنوك الغربية، والاقتصاديين والصحافيين للكاتب سؤالا ساخرا حول حقيقة الفرق بين النظام القائم على الفوائد ونظيره الإسلامي، كما يمارس في الواقع من قبل البنوك الإسلامية، ذلك رغم إدراكهم بأن نظام المشاركة في الربح والخسارة في النظام المصرفي الإسلامي، إذا مورس بصورة جديّة، يمكنه ضمان العدالة الاجتماعية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم. ونحن ندرك أنّه إذا سمح لهذا الوضع المحزن بالاستمرار، فحتى الكثير من المسلمين الأبرياء قد يشكون بجدوى النظام المصرفي الإسلامي على الرغم من أن الخطأ يكمن فينا وليس في النظام.

إن التمويل على نطاق واسع بتقنيات الخط الثاني يتمّ على أساس أن حجم المصارف الإسلامية صغير للغاية، فمجموع أصول 200 بنك ومؤسسة مالية إسلامية يعادل تقريبا ثلث حجم الموجودات الفردية لبعض أكبر البنوك التقليدية. وبما أنّه يتوجّب على المصارف الإسلامية أن تنافس المصارف التقليدية، فإنها تميل عموما إلى تجنب الدخول في المخاطرة بالتمويل على أساس المشاركة في الربح والخسارة. وليصبح الموقف أكثر سوءاً، فإن بعض البنوك الإسلامية يجد أنه من الأجدى له تحويل جزء من الأموال المودعة من المسلمين إلى الشركات متعددة الجنسية والشركات الكبرى في الغرب. وتشير التقارير إلى أن العالم العربي بما فيه دول مجلس التعاون الخليجي الغنية، وغيرهم من المواطنين الأغنياء من الدول يحفظون ودائع هائلة في البنوك التقليدية العاملة في الغرب. وحجم هذه الودائع يصل إلى أكثر من إجمالي الديون الخارجية للدول الإسلامية. إن إيداع هذه الأموال من قبل المسلمين يُمكّن القوى الإمبريالية من استغلال العالم الإسلامي لمجرّد تقديم قروض وتسهيلات من هذه الودائع؛ لذلك فإن إيداع المسلمين لهذه الأموال يخالف توجيهات القرآن والسنة بشكل واضح. ويجب أن تأخذ الأمة الإسلامية في الاعتبار, وفقا لتعاليم الإسلام، أن فائض ثروة المسلمين لا يمكن أن يستخدم لتعزيز نظام رأسمالي، أو لصالح غير المؤمنين، أو أعداء الإسلام. ولذلك، ينبغي أن تستثمر هذه الثروات من أجل المصالح المشتركة للأمة، وتبرز هنا الحاجة الملحة إلى إصدار فتوى بخصوص هذا الموضوع.

وإذا أعيد جزء فقط من هذه الأموال إلى الدول الإسلامية، فإن حجم العديد من المصارف الإسلامية سيصبح كبيرا بما يكفي لتنويع محافظ التمويل، بما فيه المزيد والمزيد من التمويل على أساس المشاركة في الربح والخسارة وبالتالي زيادة الشعور بالثقة.


التمويل على أساس المشاركة في الربح والخسارة

إنّ البديل الحقيقي للفائدة على القروض في إطار التمويل الإسلامي هو التمويل على أساس المشاركة في الربح والخسارة؛ الأمر الذي يؤسس للتّحول من صفقات الدين إلى التمويل الاستثماري. ومن المعتقد أن التمويل في بيئة مواتية من شأنه ليس فقط ضمان صحة محفظة التمويل، وبالتاّلي ارتفاع معدلات عائدات المودعين، بل يؤدي أيضا إلى التوزيع الأمثل لموارد النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، فرديا وجماعيا.

إن البنوك التي تقوم بالتمويل على أساس المشاركة في الربح والخسارة معرضة لمخاطر الخسائر ومن الممكن لشركة ناجحة أن تتعرّض لخسائر حقيقية نتيجة لعوامل مختلفة خارجة عن السّيطرة. وتوقّع هذه المخاطر يشكّل جوهر طريقة المشاركة في الرّبح والخسارة للتمويل, ذلك أنّ كافة المعاملات التجارية تحتوي على جزء لا يتجزأ من عوامل الخطر؛ لذلك لا ينبغي إعاقة المصارف عن توفير الأموال, على أساس المشاركة في الرّبح والخسارة, لأنظمة سليمة في مشاريع مجدية في مجرى التعامل التجاري المعتاد.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

عالم الاتجاهات للدعاية والاعلان

مال واعمال ما قبل الطباغة

الكتاب السعودي

اكبر 100 شركة خليجية

افضل 10 مدن خليجية

عضوية شريحة مصدر

المجلة الشهرية
المجلة اليومية
 
كافة الحقوق محفوظة لمجلة نادي المال والاعمال النسخة الالكترونية © 2016